يعمل الذكاء الاصطناعي (AI) على تغيير الطريقة التي نتفاعل بها مع كل المعلومات حولنا، شاملًا بذلك الصناعات والمنتجات، ولكن أثر تغيير الذكاء الاصطناعي لم ينحصر فقط في هذا المجال وحسب، ففي مجال الرعاية الصحية يغير الذكاء الاصطناعي تجربة المريض، والطريقة التي يمارس بها الأطباء عملهم، وكيفية صناعة الأدوية ويحتل دورًا رياديًا فيها. رحلة التغيير هذه لم تبدأ منذ زمن بعيد.

التطبيقات الناشئة للذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية

نظرًا لأن الذكاء الاصطناعي يجد طريقه إلى كل شيء حولنا، فإن التطبيقات في الرعاية الصحية تنقسم إلى:

1. تطبيقات الذكاء الاصطناعي الموجهة إلى المريض.
2. تطبيقات الذكاء الاصطناعي الموجهة إلى الأطباء.

يمكن أن يشمل مستقبل الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية المهام البسيطة والمعقدة، من الرد على الهاتف إلى مراجعة السجلات الطبية، واتجاه وتحليلات صحة السكان، وتصميم الأدوية والأجهزة العلاجية، وقراءة صور الأشعة، وإجراء التشخيصات السريرية وخطط العلاج، والتحدث مع المرضى.

لعلّه من المفيد تقسيم مجال الرعاية الصحية إلى ثلاث فئات رئيسية:

• السريرية (تقديم الرعاية للمرضى).
• الإدارية (الوحدات التشغيلية التي تحافظ على تشغيل نظام الرعاية الصحية).
• الأدوية (البحث والتطوير من الأدوية الطبية الجديدة).

في كل من هذه المجالات الثلاثة، يتم بالفعل تطبيق التعلم الآلي بطرق محدّثة، ولكن لن يتسارع هذا إلا في السنوات المقبلة. سنراجع في هذه المقالة الفئة الأولى من هذه الفئات الواسعة.

تقديم الرعاية للمرضى عن طريق الذكاء الاصطناعي

لقد أصبح استخدام الحاسوب لتحديد الحالات الصحية في الصور الطبية من أكثر التطبيقات المشار إليها على نطاق واسع للذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية.

من السهل فهم السبب، حيث إنّ التأكد من الفحص الطبي لتحديد ما إذا كان الورم، أو الآفة الجلدية، أو مرض الشبكية، أو بعض المؤشرات الأخرى موجودة هو مثال واضح على تحديد ماهية الكائن أو التشخيص، وهذا بالضبط ما يتفوق فيه التعلم العميق.

يتزامن ذلك مع ظهور عدد من الشركات الريادية الناشئة على مدى السنوات القليلة الماضية لأتمتة تحليل الصور الطبية. من بين الأكثر بروزًا Caption Health وPathAI وPaige وZebra Medical Vision.

اقرأ أيضًا: الصور فائقة الدقة: كيف استفاد المجال الطبي من ذلك؟

استيعاب المرضى ومشاركتهم

يمكّن الذكاء الاصطناعي المرضى من مشاركة الأعراض والأسئلة عبر الرسائل النصية وتلقي إرشادات سريرية آلية استجابة لذلك. وبالمثل، يمكن تطوير الذكاء الاصطناعي الذي يتواصل مع المرضى على أساس مستمر لضمان استمرارهم في المشاركة والامتثال لنظام الرعاية الخاص بهم.

يمكن أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي في هذه التفاعلات إلى تقليل التكاليف بشكل كبير، وإضفاء حرية الوصول إلى الرعاية الصحية من خلال توفير إرشادات صحية متخصصة.

أحد المؤسسات العملاقة في هذا السياق هي Babylon Health، وهنالك شركات ناشئة أخرى تركز على هذا النوع من التواصل مثل Buoy وGyant وCurai وMemora.

يقول نيل خوسلا، الرئيس التنفيذي لشركة Curai: "لقد تطورت ثورة الحوسبة بأكملها دون تغيير جذري في كيفية تقديم الرعاية الصحية والحصول عليها. كما يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانية توسيع نطاق توافر الرعاية الأولية عالية الجودة، مما يجعلها في متناول المزيد من الأشخاص بتكلفة أقل".

الصحة عن بعد

من الجدير ذكره أن وباء COVID-19 قد أدى إلى تسريع اعتماد الصحة عن بُعد بشكل كبير، أي تقديم الخدمات السريرية للمرضى عن بُعد باستخدام الأدوات الرقمية.

اقرأ أيضًا: القطاع الصحي والتكنولوجيا: ماذا تعرف عن مجال ممارسة الصيدلة عن بعد (Telepharmacy)؟

في حين أن الوباء كان بمثابة محفز على المدى القريب، يعتقد العديد من الخبراء أن الصحة عن بعد (تسمى أيضًا الرعاية الصحية عن بُعد) في طريقها لتصبح ركيزة مهمة بشكل دائم.

اليوم، غالبًا ما تعني الرعاية الصحية عن بُعد ببساطة مكالمة فيديو مع طبيب. مثل هذه الجلسات البعيدة جديرة بالاهتمام، ولكنها تعتبر بدائية. لن تصل الصحة عن بعد إلى تحقيق تغيير حقيقي كامل إلا عندما يتم تمكينها من خلال التعلم الآلي، وأجهزة الاستشعار المناسبة. من المثير للاهتمام أن العديد من الشركات الواعدة تواجه هذا التحدي.

قامت Eko ببناء منصة من أجهزة الاستشعار المملوكة وخوارزميات التعلم الآلي التي تمكنها من مراقبة "العلامات الحيوية للقلب الرئوي للمرضى عن بُعد للكشف المبكر عن مشاكل القلب والرئة". يعتبر الذكاء الاصطناعي لـ Eko أكثر دقة في اكتشاف مشاكل القلب من الأطباء البشريين الذين يستخدمون سماعة الطبيب. على سبيل المثال، يكتشف الممارسون العوام الرجفان الأذيني بدقة 70-80٪، بينما تفعل خوارزميات Eko ذلك بدقة 99٪.

على غرار ذلك، تقدم Aluna حلًّا يمكّن المرضى من قياس صحة الرئة في منزلهم باستخدام مقياس التنفس البسيط، حيث تراقب ألونا الربو والتليف الكيسي في الوقت الفعلي بدقة وعن بعد!

طورت شركات مثل Biofourmis وCurrent Health وMyia حلول الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار التي تمكن الممارسين من فحص صحة المريض على المستوى الدقيق، أينما كان هذا المريض في العالم. ستؤدي مثل هذه التقنيات إلى طمس الخط الفاصل بين الفحوصات التي تجري داخل العيادة والمراقبة الصحية اليومية، مما يجعل الرعاية الصحية ميسورة التكلفة ويمكن الوصول إليها في هذه العملية.

يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانية إعادة كتابة قواعد النظام الصحي بطريقة أكثر فاعلية. ومع الوقت، يمكن للذكاء الاصطناعي قلب القيود والافتراضات المقبولة منذ فترة طويلة حول كيفية عمل نظام الرعاية الصحية. ويمكنه أن يعيد تعريف العلاقة بين التكلفة وإمكانية الوصول والجودة والولوج في عالم ريادي يستطيع به تغيير مستقبل الصحة والاقتصاد في العالم أجمع.

أن تكون رائد أعمال في مجال الرعاية الصحية اليوم، لهو أمرٌ أكثر إثارة من أي وقت مضى!